بسم الله الرحمن الرحيم
الاستاذ محمد عبد الرحمن الشيخ
فى جلسة صفاء يحكى عن الشاعر
إعدها لصحيفة الرائد / أسامة شيخ إدريس
مدخل أول
ونحن نسعى للتوثيق لشعراء الحقيبة كان لابد من لنا من
التعريج قليلا لشاعر من روادها أشتهر بعذوبة المفردة فكان
شاعرا ًوملحنا ًومغنيا ً فقصدنا مدينة العيلفون وجلسنا الى
الأستاذ محمد عبد الرحمن الشيخ والذى حملنى امانة غالية
جدا وهى مجموعة اشعار مخطوطة يدويا وسيرة ذاتية للشاعر
وها نحن فى حضرة أسرة الشاعر الكبير أحمد محمد الشيخ
(اللجاغريو ) وهاهو الاستاذ محمد عبد الرحمن الشيخ فى
جلسة صفاء يحكى عن الشاعر.
وقرية الدبيبة الوادعة تستقبل صراخ ذاك الصغير فى عام 1910
لم تكن تعلم أن هذا الصراخ سيتدفق شعراً رقيقا ً عذباً وقويا
ويبدأ الصبى أولى خطواته بخلوة الفكى الأمين بالدبيبة ثم
هاهو يكتب أسمة لأول مرة أحمد محمد الشيخ (الجاغريو )
وتمضى الأيام وينتقل الصغير ذو الصوت العذب مع أهلة الى
موطنة الأصلى فى العيلفون وهو لم يتجاوز الخامسة بعد
وكغيرة من أحفاد الشيخ ادريس بن الأرباب ينتسب الى
الخلوة والتى كانت هى مصدر العلم والتعلم آنذاك.
وكانت العيلفون لما حولها من القرى بمثابة (أم القرى) لما لها
من مركز دينى وثقافى كما أشار الى ذلك مستر جاكسون
فى كتابة sudan notes and records فى عام 1916 ثم ظهر
تأثير التعليم الدينى فى القرى المنتشرة.
وكان أثر الخلوة واضحا فى حياة الناس حيث تأثر شاعرنا فى
الفاظة ببعض العبارات والأفكار الصوفية واستخدما فى اشعارة.
الصبى ينشد شعرا
كتب الشعر منذ صغره بصورة عفوية ولم يكن صانعا لة بل
كان يتدفق من لسانة بكل وقت وفى كل المناسبات وحتى
فى ملحة وبيت رفقائة وهاهو يعود من الخلوة حاملا اللوح
والدواية داخل حقيبة القماش يشكو ألما ًفى عنقة فأمسكت
بة أمراة بصيره وبدأت تدلك له عنقة حتى خف الألم فكان أن
نقدها من الشعر ما ظل عالقا حتى الآن :-
وقفت بالشمال لفحت تِويبه ومايسه
بسمت وفى وريدى بالأنامل دايسة
أديبة حشِيمة ما قالولها تُب الكايسة
أنظر فيها شوف سيقانها كيف مُتقايسة
جاءت تلك الأبيات على نسق الدوبيت والذى برع فية الجاغريو
عبدت الطاولة الكنزى أب دقن خاويتو
عملت هواك ضريح يا زهرة وإتحويتو
يا توماتا أنا فى حالى شن سويتو
قالن لى البيازاك أنت لى شنو هويتو
وتناقل الناس من حولة ماجادت بة قريحتة من شعر جميل
فى المناسبات العامة والإخوانيات والطُرف والمُلح وكان
المجتمع من حول الشاعر ذواقا ًللشعر ومقدراً لصاحبة
محافظا على تقاليدة وعفافة وهاهو شاعرنا يلحظ فتاتة
فى صدفة نادرة وينظم:
هدا أهو دا
حبيب روحى انا شفته
سهيت خيالو طافنى
وانتبهت شفتو شافنى
شافنى ساهى
شفتو واقل عنقو باهى
شفتو مايس غصنه زاهى
أهو الحياء وهنا الحى الأنا طفته
أو يغنى
صادفنى الحبيب بى حِشمة سالمنى
تركنى أميل ثملان ليهو قلبى سلمتو
بى سهامه ألمنى وأبى ما يكلمنى
فى هواة ظالمنى وأنابرضو مالمته
سافر مع أسرتة وأستقر ببرى ثم عادت الأسرة مرة أخرى الى
العيلفون وعمل فى نهاية العشرينات فى الخرطوم فى الأعمال
الحرة وسافر الى كوستى وعمل ببحرى ووادى سيدنا
وكان يلتقط الاوراق من الطريق ويكتب فيها ماورد بخاطرة من
شعر حتى قال عنة اهل برى لو وجد الجاغريو حجرا ًورفعة
لكتب علية أبياتا وكان لماحاً يثيرة كل ما حولة وأصبح الفتى
شابا يافعا يبحث عن الثقافة والأدب والفكر ويشغل بالة ما
يشغل جيله من أحوال السياسة والوطن .
الشعر الغنائى عند الجاغريو
امتاز شهرة الغنائى بالسهولة وقربة من المستمع إذ كان يلتقط
من المناظر والأسماء والأحداث وليدة اللحظة وإمتاز بسرعة
البديهة والتأليف السريع واللحن الخفيف الحديث وكان مما يذكر
عنه أنه يؤلف اثناء الحفل ويصوغ الكلمات مع الألحان والأداء
فى آن واحد والكورس يتابعة حتى نهاية الفاصل
ومثال لذلك :
يا رايع جفيتنى وأنا ضايع تعال لى
أو
التبرى وجمروه النار انطفتلو
طالع فى الهجيرة والشمس اختفتلو
أو
الحجروك حبى وعملو السبب حبى
كيف ينزعو الصورة المرسومة فى قلبى
التقى بالفنان كرومة وكان صوت الجاغريو لايقل عذوبة عن صوت
كرومة وإمتاز الجاغريو بطول النفس حتى قال من يعرفة أنة
عندما يغنيان سويا كان كرومة ينتظر الجاغريو لطول المد فى
صوتة وكان كرومه يحب صوتة جدا.
إمتازشعراء تلك الفترة بأنهم متعددو المواهب فكان الشاعر
ملحنا ًومغنيا ً أيضا وكان الجاغريو شاعرا ًوملحنا ًومغنيا ًوكان
ممن عاصروه أبو صلاح ومحمد ود الرضى وعبد الرحمن الريح
وسيد عبد العزيز .
ومن الفنانين كرومة وسرور وعبد الله الماحى والأمين برهان
وعبد الله الريح وعمر البنا وغيرهم.
وكانت كلماته منتقاة بدقة مع سرعة التأليف ويحس المستمع
أنة لابديل لها:
حاولت أنساك وقلبى زاد فى جروحه
ورينى كيف الحى بيودع روحه
ورينى كيف أسلاك انا حرت فى أمرى
سجلت ليك حبى ووهبت ليك عمرى
أو
بالله يالعندليب أنعشنى وخليك قريب
اسمعنى لحن الهوى
صوتك يضاعف الهنا اصدح وخليك هنا
أنت الصديق وأنت السمير
أنت ما بتخون الضمير
من كؤوس الحب أسقنا وعلم الأزهار الغُنا
شعر وسياسة
كما أن ثقافتة الأدبية الكبيره الناتجه عن علاقتة وصداقتة للأدباء
والساسه فى ذلك الزمان قد ظهرت فى شعرة فقد كان شاعرا
للمركز العام فى الحزب الوطنى الإتحادى حيث أنشد فى مؤتمر
الخريجين فى عام 1938 قولة:
اللإنكسر السلم بعد ما طلعنا
وما خايفين من السما ينفتح يبلعنا
والزراعنا غير الله اليجى يقلعنا
وكان من السياسين المحبين للوطن وقد صحب الأزهرى طوال
حياتة وكان لايفارق أعضاء الحزب خاصة الشريف حسين الهندى
وحسن عوض الله ويحى الفضلى وعبد الماجد أبو حسبو .
كتب الكثير من القصائد الوطنية التى لم يتطرق لها النقاد والإعلام
كثيرا وظهرشعرة السياسى فى مناسبات الحزب العامية وفى
المناسبات الوطنيه وأشتهر الكثير منها :
نحنا صغيرنا عندو حياتو ما همية
فى زمن الحرب واحد بيازن المية
نحنا أرواحنا يفدن ناس سعاد وصفية
ونحن اللى وطنا وعودنا ديمة وفية
نحن أولاد بلد تعقد نقوم على كيفنا
فى لقى فى عدم دايما مخرف صيفنا
نحن أب خُرس بنملاه وبنكرم ضيفنا
نحن فى رقاب الناس مجرب سيفنا
وزار كل قرى السودان وأسمعها صوتة وتغنى لها وأنشدها من
كلماته ، وقد ظهرت كلمات فى شعرة من خارج البيئة ولم تكن
مألوفة فى وقته ودلت على ثقافتة الواسعة.
حبيب روحى اهديلى من عنبك أديلى
يا فلايكى عديلى انا نسيت مناديلى
او
إية غرام قيس لى غرامى
واية جمال ليلى لجمالو
وامتاز شعر الجاغريو بالحركة والتصوير ويحس ذلك فى كثير
من قصائده ففى قصيدة سميرى تحس بالرؤيا والحركة
التصويرية واضحة:
هديلك جن تلاتة اعرفو تومتى ياته
انظر شوف حلاتا الظهرت بى غلاتا
الناعسات كاحلاتا انا دستورى نازل
فى الخرطوم تلاتة
وفى قصيدته
اسمر لونه لادن جسمو يزدرى بالبروق فر بسمو
احب القاه واتمناه يسمع منى معنى غناة
لو بسهامو قلبى يقسمو ما بقدر ابوح بى اسمو
الاخوانيات
فى قصيدة يمدح فيها صديقة الشيخ محمد صديق طلحة
ناظر البطاحين:
البطحانى معروف ما بتزحو الدفرة
ما بتلافى فق ضهر البقود بالقفرة
قول لعدوه لو للاخرة ناوى السفره
حمر فيهو وامشى براك سوى الحفرة
وفى تحية ناظر الشكرية الشيخ محمد احمد ابو سن
يا شيخ العرب رايك سديد ومحنك
وان سالوك ما بتتسهى تنقر سنك
وذم الخمر فقال
تتهيج من النيران تفور تدشُر
وتلعب بالعقول ماتخلى فيها عُشر
كل يوم للحوادث فى الوجود تنشُر
لوشربك جرف ماأظنو عِرقو بشُر
وقال فى مدح المصطفى
يا صفوة البارى ليك الامم زارت
كيف معجزاتك توصف عقولنا احتارت
بظهورك الاديان دون ملتك غارت
يا خير خلق الله الفيك السير سارت
لولاك مافى جنان ولاخمدت الفارت
والنيرين لولاك يالهادى ما اتبارت
توفى وفى جبية قصيدة للاستقلال فى يوم 1/1/1969
ولم يشكو علة قط.
رثاة إسماعيل حسن بقصيدة طويلة .
وزى ما قلت
كان
ناس احمد الطيبين وفنانين
حروف منحوته فوق لوح القدر قاعدين
يغنوا الليل ... يهجموا الليل
ونسمع صوتو شاقى الليل
يقول يا ليل (يارايع جفيتنى وأنا ضايع تعال لى)
الى أن يقول
وهبت ريح من المجهول
وشالت أحمد المعروف
وما مجهول
فروع وأصول ......شن بنقول
وشن بنقول
ورثاه عكير الدامر
إنكسر الحسام البى الأدب مزدان
إندك الجبل فوق البعيد والدان
إنسلبت عقول وإنشلت الأبدان
رقد فارس البصهلن كوكب الميدان
سيف الهزه ظاهر ما بدورلو بيان
وعرق العزة لو مات تلقى ليهو ليان
جاغريو إسمو ما بموت بالشعر رويان
شعر كل المعانى الضاربة فى المليان
وقال زغبير عبد الماجد
فرقك حار على أصبحت فاقدك حاير
يا قشاش دموع اللى وضيبة بضاير
ضربك بكسر الخوده وبصد الغاير
يا صداد ملاقاة العجاجن طاير
الى أن يقول
قلبى فقدته باكى عليك كتر زلزيله
وسهران طرفى حاس مانام نهارو وليلة
السبب الألمنى وجسمى كسر حيلة
شاعر السمحة أحمد مات رحل يا حليلة
تغنى للجاغيرو العديد من الفنانين على رأسهم كرومة
وأحمد المصطفى ومبارك حسن بركات وسيد خليفة
وخلف الله حمد وبادى محمد الطيب وأثرى الساحة
الغنائية بالعديد من الأغنيات الخالدة